سورة الملك - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الملك)


        


قوله عز وجل: {تباركَ الذي بيدِهِ المُلْكُ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن التبارُك تفاعُل من البركة، قاله ابن عباس. وهو أبلغ من المبارك لاختصاص اللَّه بالتبارك واشتراك المخلوقين في المبارك.
الثاني: أي تبارك في الخلق بما جعل فيهم من البركة، قاله ابن عطاء.
الثالث: معناه علا وارتفع، قاله يحيى بن سلام.
وفي قوله {الذي بيده الملك} وجهان:
أحدهما: ملك السموات والأرض في الدنيا والآخرة.
الثاني: ملك النبوة التي أعزّ بها من اتبعه وأذل بها من خالفه، قاله محمد بن إسحاق.
{وهو عَلى كُلِّ شَئ قَديرٌ} من إنعام وانتقام.
{الذي خَلَقَ الموتَ والحياةَ} يعني الموت في الدنيا، والحياة في الآخرة.
قال قتادة: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: «إن اللَّه أذل بني آدم بالموت، وجعل الدنيا دار حياة ثم دار موت، وجعل الآخرة دار جزاء ثم دار بقاء».
الثاني: أنه خلق الموت والحياة جسمين، فخلق الموت في صورة كبش أملح، وخلق الحياة في صورة فرس أنثى بلقاء، وهذا مأثور حكاه الكلبي ومقاتل.
{لِيَبْلُوكم أيُّكم أَحْسَنُ عَمَلاً} فيه خمسة تأويلات:
أحدها: أيكم أتم عقلاً، قاله قتادة.
الثاني: أيكم أزهد في الدنيا، قاله سفيان.
الثالث: أيكم أورع عن محارم اللَّه وأسرع إلى طاعة اللَّه، وهذا قول مأثور. الرابع: أيكم للموت أكثر ذِكْراً وله أحسن استعداداً ومنه أشد خوفاً وحذراً، قاله السدي.
الخامس: أيكم أعرف بعيوب نفسه.
ويحتمل سادساً: أيكم أرضى بقضائه وأصبر على بلائه.
{الذي خَلَقَ سَبْعَ سمواتٍ طِباقاً} فيه وجهان:
أحدهما: أي متفق متشابه، مأخوذ من قولهم هذا مطابق لهذا أي شبيه له، قاله ابن بحر.
الثاني: يعني بعضهن فوق بعض، قال الحسن: وسبع أرضين بعضهن فوق بعض، بين كل سماء وأرض خلق وأمر.
{ما تَرَة في خَلْق الرحمنِ من تفاوُتٍ} فيه أربعة أوجه:
أحدها: من اختلاَف، قاله قتادة، ومنه قول الشاعر:
متفاوتات من الأعنة قطّباً *** حتى وفي عشية أثقالها.
الثاني: من عيب، قاله السدي.
الثالث: من تفرق، قاله ابن عباس.
الرابع: لا يفوت بعضه بعضاً، قاله عطاء بن أبي مسلم.
قال الشاعر:
فلستُ بمُدْركٍ ما فاتَ مِنِّي *** بِلَهْفَ وَلاَ بِليْتَ ولا لَو أنِّي
{فارْجِع البَصَرَ} قال قتادة: معناه فانظر إلى السماء.
{هل تَرَى من فُطور} فيه أربعة أوجه:
أحدها: من شقوق، قاله مجاهد والضحاك.
الثاني: من خلل، قاله قتادة.
الثالث: من خروق قاله السدي.
الرابع: من وهن، قاله ابن عباس.
{ثم ارْجع البَصَرَ كَرّتَيْنِ} أي انظر إلى السماء مرة بعد أخرى.
ويحتمل أمره بالنظر مرتين وجهين:
أحدهما: لأنه في الثانية أقوى نظراً وأحدّ بصراً.
الثاني: لأنه يرى في الثانية من سير كواكبها واختلاف بروجها ما لا يراه من الأولى فيتحقق أنه لا فطور فيها.
وتأول قوم بوجه ثالث: أنه عنى بالمرتين قلباً وبصراً.
{ينْقَلِبْ إليك البَصَرُ خَاسئاً وهو حَسيرٌ} أي يرجع إليك البصر لأنه لا يرى فطوراً فيرتد.
وفي {خاسئاً} أربعة أوجه:
أحدها: ذليلاً، قاله ابن عباس.
الثاني: منقطعاً، قاله السدي.
الثالث: كليلاً، قاله يحيى بن سلام.
الرابع: مبعداً، قاله الأخفش مأخوذ من خسأت الكلب إذا أبعدته.
وفي {حسير} ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه النادم، ومنه قول الشاعر:
ما أنا اليوم على شيء خلا *** يا ابنة القَيْنِ تَولّى بحَسيرْ
الثاني: أنه الكليل الذي قد ضعف عن إدراك مرآه، قاله ابن عباس ومنه قول الشاعر:
مَنْ مدّ طرْفاً إلى ما فوق غايته *** ارتدَّ خَسْآنَ مِنه الطّرْفُ قد حَسِرا
والثالث: أنه المنقطع من الإعياء، قاله السدي، ومنه قول الشاعر:
والخيلُ شُعثٌ ما تزال جيادها *** حَسْرى تغادرُ بالطريق سخالها


{إذا أُلقُوا فيها} يعني الكفار ألقوا في جهنم.
{سمعوا لها شهيقاً} فيه قولان:
أحدهما: أن الشهيق من الكفار عند إلقائهم في النار.
الثاني: أن الشهيق لجهنم عند إلقاء الكفار فيها، قال ابن عباس: تشهق إليهم شهقة البغلة للشعير ثم تزفر زفرة لا يبقى أحد إلا خاف.
وفي الشهيق ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الشهيق في الصدور، قاله الربيع بن أنس.
الثاني: أنه الصياح، قاله ابن جريج.
الثالث: أن الشهيق هو آخر نهيق الحمار، والزفير مثل أول نهيق الحمار، وقيل إن الزفير من الحلق، والشهيق من الصدر.
{وهي تفورُ} أي تغلي، ومنه قول الشاعر:
تركتم قِدْرَكم لا شيئ فيها *** وقِدْرُ القوم حاميةٌ تفورُ
{تكادُ تَمَيّزُ مِنَ الغَيْظِ} فيه وجهان:
أحدهما: تنقطع، قاله سعيد بن جبير.
الثاني: تتفرق، قاله ابن عباس والضحاك.
وقوله {من الغيط} فيه ها هنا وجهان:
أحدهما: أنه الغليان، قال الشاعر:
فيا قلب مهلاً وهو غضبان قد غلا *** من الغيظ وسط القوم ألا يثبكا
الثاني: أنه الغضب، يعني غضباً على أهل المعاصي وانتقاماً للَّه منهم.
{ألمْ يأتِكم نَذيرٌ} فيه وجهان:
أحدهما: أن النذر من الجن، والرسل من الإنس، قاله مجاهد.
الثاني: أنهم الرسل والأنبياء، واحدهم نذير، قاله السدي.
{فسُحْقاً لأصحاب السّعيرٍ} فيه وجهان:
أحدهما: فبعداً لأصحاب السعير يعني جهنم، قاله ابن عباس.
الثاني: أنه وادٍ من جهنم يسمى سحقاً، قاله ابن جبير وأبو صالح، وفي هذا الدعاء إثبات لاستحقاق الوعيد.


{إنّ الذين يَخْشَوْنَ ربَهم بالغَيْبِ} فيه ستة أوجه:
أحدها: أن الغيب اللَّه تعالى وملائكته، قاله أبو العالية.
الثاني: الجنة والنار، قاله السدي.
الثالث: أنه القرآن، قاله زر بن حبيش.
الرابع: أنه الإسلام لأنه يغيب، قاله إسماعيل بن أبي خالد.
الخامس: أنه القلب، قاله ابن بحر.
السادس: أنه الخلوة إذا خلا بنفسه فذكر ذنبه استغفر ربه، قاله يحيى بن سلام.
{لهم مغْفرةٌ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: بالتوبة والاستغفار.
الثاني: بخشية ربهم بالغيب.
الثالث: لأنهم حلّوا باجتناب الذنوب محل المغفور له.
{وأجرٌ كبيرٌ} يعني الجنة.
ويحتمل وجهاً آخر: أنه العفو عن العقاب ومضاعفة الثواب.
{هو الذي جَعَلَ لكم الأرْضَ ذَلولاً} يعني مذللة سهلة.
حكى قتادة عن أبي الجلد: أن الأرض أربعة وعشرون ألف فرسخ، فللسودان اثنا عشر ألفاً، وللروم ثمانية آلاف، وللفرس ثلاثة آلاف وللعرب ألف. {فامْشُوا في مَنَاكِبِها} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: في جبالها، قاله ابن عباس وقتادة وبشير بن كعب.
الثاني: في أطرفاها وفجاجها، قاله مجاهد والسدي.
الثالث: في طرفها.
ويحتمل رابعاً: في منابت زرعها وأشجارها، قاله الحسن.
{وكُلوا مِن رِزْقِهِ} فيه وجهان:
أحدهما: مما أحله لكم، قاله الحسن.
الثاني: مما أنبته لكم، قاله ابن كامل.
{وإليه النشور} أي البعث.

1 | 2